خريبكة في ابريل 2004 إلى الوزير الأول السيد:إدريس جطو خريبكة مدينة مغربية وليست حظيرة لمن يحتقرها تحية طيبة وبعد، اكتب هذه الرسالة،لأني أومن بان التشديد على الناس واشتداد الصمت خامة للكوارث ومادة للمؤامرات. اكتب هذه الرسالة،لان الأمانة الوطنية تقتضي أن يقول الحكماء لأبناء خريبكة ان الوطن شكور كريم. اكتب هذه الرسالة، لأني ضد تفجير الأمل الصامد،ضد توطيد اليأس المتآمر،ضد التمكين للانهيار المعنوي،ضد الإجهاز على النضج المغربي. اكتب هده الرسالة،لان أوضاع خريبكة التي كانت تبعث على القلق،صارت تبعت على الخوف. اكتب هذه الرسالة لأسال:ما هذا الوضع الكارثي الذي يرشح أبناء خريبكة لمهالك الهجرة السرية؟! ما هذا الوضع الكارثي الذي يضع أهرامات الفوسفاط خلفنا وقوارب الإعدام أمامنا؟

ما هذا الوضع الكارثي الذي يجعل المسؤولين في خريبكة لا يتخوفون من هذا النزوع المأساوي نحو المخاطرة بالأرواح لاجتياز البحر الأسود المتوسط؟! ما هذا الوضع الكارثي الذي يجعل مدينة تتركز فيها الثروة الوطنية،تصدر أبناءها نحو المهجر لتامين الخبز الأسود؟!. ما هذا الوضع الكارثي الذي لا يعبأ فيه المسؤولون في خريبكة بمخاطر الاختناق وأهوال الاحتقان؟! وما جدوى محاصرة المزاج العام بالتعتيم المقيت؟! وما جدوى إخلاء الميدان العام من أي مسعى تنويري؟! وما جدوى تحويل الفراغ الضاري إلى مؤسسة لتدمير الذوات وتوجيه المصائر نحو التطرف؟!. وما هذا الوضع الكارثي الذي يتطرف فيه مسؤولو خريبكة؟! لماذا يتمسكون بمنطقهم الاستبدادي الذي يجهر بان لا احد يقدر أن يفرض عليهم إلغاء قرارات التوظيفات المشبوهة وتوزيع رخص النقل والأكشاك على الأثرياء وبقع الإسكان على ما لا صلة لهم بالصفيح ؟!وهؤلاء الذين يتبجحون بتوظيف أقاربهم،هل يدركون فظاعة زرع الألغام في هذه اللحظة من تاريخ المغاربة ؟! والذين يخرقون القانون الذي يعتبر المغاربة سواسية،هل يفهمون أن الطاعون-لا قدر الله- قد يطوي البساط بما فيه؟!. ما هذا الوضع الكارثي الذي يضع الحواجز أمام أي طموح إنمائي؟! كيف نحمي التماسك الاجتماعي وكيف نصون المناعة الوطنية ؟!. ما هذا الوضع الكارثي الذي يسمي بناية مهجورة مركبا ثقافيا ؟! أليس للمركبات الثقافية مرافق وهيكلة وبرامج وتوقيت يومي ؟!.

 ما هذا الوضع الكارثي الذي يسمى الأطلال قاعة مغطاة،ويفرض السرية المطلقة على بيانات هذه القاعة العجيبة وعلى أشغالها المنجزة وتكاليفها ومصاريفها وأسماء المقاولين والمهندسين المعماريين ومكتب الدراسات وعلى أسباب توقف الأشغال وعلى دفاتر التحملات ؟!. ما هذا الوضع الكارثي الذي نهش الغابة المخزنية ومزقها اقامات سكنية للمنعم عليهم،ومسخ الحديقة العمومية شققا للمحظوظين ؟!. ما هذا الوضع الكارثي الذي انقض على مساحة خضراء وفوتها لمستثمر أجنبي،ووشحه بوسام المدمر للبيئة،فانشأ مركزا تجاريا وسط المدينة كان خريبكة لا مداخل لها،وكان الدورة الاقتصادية ينقصها التنافس الشرس،وأتحفنا بابتكار بيداغوجي رهيب:تشييد المنشات الاستهلاكية أمام المدارس الابتدائية!! . ما هذا الوضع الكارثي الذي ينهب المال العام جهارا نهارا؟! ويطير بالملايير لتصير ديونا،ويبرم الصفقات المريبة،ولا سائل ولا مسؤول،لا حسيب ولا رقيب،لاراصد ولا قاصد. إن الوطنية الحقة اليوم، هي أن نقول وبالوضوح التام:إن الجهاز الإداري صار عبئا فادحا على الأمة،ولا مزيد لمستزيد. ما هذا الوضع الكارثي الذي لا يتحرج فيه المكتب الشريف للفوسفاط من هذه المفارقة السوداء: مدينة تحصن الأمن الاقتصادي للوطن ولا يجد أبناؤها إلا قوارب الموت رمزا للحياة؟!. ألا يرى هذا المكتب الأفق الكالح؟! هل من المقبول أن نحيا في الألفية الثالثة بشروط من جابوا الصخر من الوادي؟! هل هذا الوضع الاستثنائي يصلح لهذا العصر؟! أليس للمؤسسات الحيوية واجب وطني يتمثل في دعم الاستقرار الوطني بمحاربة الحرمان والإقصاء؟! ألا يؤدي القهر والتبذير والنهب إلى تهديم الركن الحجري وتحطيم السقف الحديدي؟! أليس من حقنا أن نسأل من يتوهم في النادي الفوسفاطي بان خريبكة طوع اليد والنظر:لماذا لا يرتقى الانتباه الرسمي إلى مستوى النباهة المغربيةََ؟ لماذا يحتاج إلى الكارثة لكي يكترث ؟لماذا يتفاءل بالتزام السكوت وملازمة البيوت ؟!هل تأمل مليا هذه العبارة"مغرب الأعماق".أن أي طموح مشروع يجب أن يجد تعبيره الصادق والنزيه كي يتوجه الجميع إلى المستقبل المشترك تحت سماء المغرب الموحد والمتضامن والعادل. ان خريبكة فلذة من جلال هذا الوطن ومجده.أن خريبكة تستحق كل التضحيات،تستحق ان تتكلم بضمير المتكلم،تستحق أن تطالب برد الاعتبار،تستحق أن تعتز بذكراها المنيرة كما شاء لها الشهداء.

 ان خريبكة تطالب بالتوزيع العادل للثروات الوطنية،ان الفوسفاط لا يوزع مجانا على السواق العالم،وعلى المكتب الشريف للفوسفاط ان يتحمل مسؤولية الانماء والتضامن. ان خريبكة تطالب بسلطة ديموقراطية في مستوى حكمة ونضج ابناء خريبكة،ان خريبكة تطالب بسلطة تفهم جيدا ما قاله المغفور له محمد الخامس:" ان الشعب المغربي..شعب ذكي". ان خريبكة تطالب بسلطة تفهم جيدا ان المغاربة شيدوا كيانهم الوطني على محاربة الظلم والطغيان. ان خريبكة تطالب بسلطة لا تعادي الاستقرار الديمقراطي الحقيقي المنشود. ان خريبكة تطالب بسلطة تحترم المواطنة المتساوية والكاملة،خريبكة تطالب بسلطة لا تعتدي على المال العام ولا تجهز على الحقوق ولا تصادر الحريات ولا تميز بين المغاربة. توقيع:خالد كدحي