تحقيقات 44485 ‏السنة 133-العدد 2008 سبتمبر 22 ‏22 من رمضان 1429 هـ الأثنين تعاني الإهمال وتدني الخدمات‏: ‏مستشفيات التأمين الصحي‏..‏ في غرف‏'‏ الإنعاش‏'!‏

تحقيق‏:‏منال الغمري

 الإهمال سمة من سمات المستشفيات في زيارة مفاجئة لوزير الصحة لمستشفي ناصر بشبرا الخيمة اكتشف أنها ــ كما قال أسوأ مستشفي في مصر من حيث ضعف مستوي التمريض‏,‏ وتدني الأنظمة الإدارية‏,‏ والطبية لكن الواقع أن جميع مستشفيات التأمين الصحي ليست أفضل حالا من مستشفي ناصر‏!‏ لنأخذ مثالا مستشفي‏6‏ أكتوبر بالدقي فالمرضي بها يعاملون كما لو كانوا حشرات والمسئولون داخل غرفهم المكيفة لايشعرون بما يحدث للمرضي ويتركونهم فريسة لمافيا العاملات والتمريض وبعض الأطباء ففي زيارة استكشافية لهذه المستشفي شاهدنا مالم يصدقه عقل ولايخطر علي قلب بشر من إهمال وعدم نظافة وتقصير وسوء معاملة واستغلال وعدم رعاية وتدهور حالات المرضي وموتهم علي الأسرة لساعات طويلة دون أن يشعر بهم أحد‏!‏ بدأنا بغرفة الطواريء ذات الأرضية المملوءة بالمياه والصابون لقيام أحد العمال بتنظيفها وتكدس المرضي علي الباب لمنع الدخول لحين التنظيف والطبيب والممرضات داخل غرفة نظيفة يتسامرون علي أحد المكاتب‏.‏

وقد نلاحظ حالات مرضية ملقاه علي‏'‏ ترولي‏'‏ أكثر من ثلاث ساعات في انتظار الطبيب الذي يرفض دخول معظم الحالات برغم حالتهم الصحية الصعبه مقررا لهم العلاج وعودتهم لمنازلهم أو المستشفي آخر خاص بحجة أنه ليس لهم علاج بالمستشفي ولا توجد أسرة خالية حتي ولو كان المريض في غيبوبة‏.‏ تقول زينب عبد الجليل‏(‏ ابنة إحدي المريضات‏):‏ أمي مريضة كبد وسكر وأصيبت بكسر في الحوض فأسرعنا بنقلها بسيارة إسعاف إلي مستشفي‏6‏ أكتوبر بالدقي‏'‏ التأمين الصحي‏'‏ وداخل غرفة الطواريء انتظرنا الطبيب نحو ساعتين حتي دخلت أمي في غيبوبة وبمجرد حضور الطبيب رفض دخولها المستشفي وقرر نقلها إلي مستشفي خاص لعمل تحاليل وأشعة وعودتها لمنزلها حيث تحتاج لحقن شرجية كل‏3‏ ساعات وحاولنا الإلحاح علي الطبيب لإدخالها المستشفي إلا أنه رفض تماما فأسرعنا بالاتصال بأقاربنا والمسئولين حتي توصلنا إلي‏'‏ واسطة‏'‏ تم علي أساسها إدخال والدتي قسم الباطنة عنبر السيدات بالدور الأول حيث يوجد‏4‏ أسرة علي أحدها ترقد سيدتان‏(‏ خلف خلاف‏)‏ وتم احضار سريرين آخرين بالغرفة بينما الحشرات الزاحفة تجري وتتجول علي الأرض والحوائط وبين الأدوية وعلي الأسرة ورائحة الحمام المقابل للغرفة تفوح براوئح لاتطاق كما لو كانت مراحيض عمومية وكل شيء داخل الغرفة بالدفع بمعني أنه لا تقوم أي عاملة بأي عمل إلا بعد أن تعطي لها خمسة جنيهات بجانب أصواتهن المرتفعة وشجارهن مع المرضي الفقراء الذين ليس لديهم المقدرة علي إعطائهن أولا بأول‏!‏ وداخل قسم الباطنة فإن المرضي القادرين علي خدمة أنفسهم يقومون برعاية المرضي غير القادرين وكذلك المرافقون وأهل المريض هم الذين يقومون بخدمة المرضي وتمريضهم فالممرضة تأتي بالدواء وتتركه لأهل المريض لإعطائه لمريضهم والعاملة تترك لهم الطعام فإذا كان المريض لايقدر علي الحركة ولايوجد معه مرافق من أهله تترك له الطعام وبعد ساعة تأتي لتأخذه‏.‏ وتضيف‏:‏ ظلت أمي في غيبوبة علي السرير لم يصرف لها أي علاج ولم تفق من الغيبوبة حتي توصلنا لأحد المسئولين بوزارة الصحة الذي اتصل بمدير المستشفي وقرر علمه بالحالة وأنه لايستطيع عمل أي تحاليل أو أشعة إلا بعد أن تخرج من الغيبوبة وظلت في الغيبوبة‏4‏ أيام وبعد العديد من الشكاوي والاتصالات وعد مدير المستشفي بالمرور عليها والاطمئنان علي حالتها لكن للأسف خلال فترة وجود أمي بالمستشفي لم يمر عليها سوي إحدي الطبيبات التي حضرت وهي مستاءة من شكوانا وظلت تصرخ وتتحدث بصوت عال وهددت بخروجها من المستشفي ثم حضرت ممرضة وقالت إنهم لايعطون لها علاجا لارتفاع سعره وعدم مقدرة أسرتها علي شرائه وفي النهاية تبين أنه مقرر لها حقنها بأنبولتين قيمتهما‏20‏ جنيها تم سدادها وبعدها فاقت أمي من الغيبوبة وفي لمح البصر قررت الطبيبة خروجها من المستشفي لاستقرار حالتها وبعد خروجها بنحو‏22‏ ساعة أخبرت بوفاتها‏.‏ في نفس العنبر توجد سيدة دخلت وهي تعاني من سكر وضغط وبعد أسبوع من وجودها بالمستشفي دون علاج أصيبت بجلطه فكتب الأطباء لها توصية بالخروج وهكذادخلت المستشفي علي قدميها وخرجت علي ترولي‏!‏ ‏ (‏في عنبر الرجال‏)‏ في نفس الطابق في عنبر الرجال شاهدنا العجب بقسم المخ والأعصاب فهناك مرضي في غيبوبة وأنفاسهم تتقطع ويتنفسون بصعوبه بالغة وحولهم أسرهم لكن يترك المريض لحين لقاء الخالق‏.‏


 ومريض آخر قام بنزع‏'‏ السرنجة‏'‏ الموجودة بوريده وظل المرضي ينادون علي الممرضات أوالأطباء والمريض ينزف أحد المرضي ربط المكان بشاشة بشدة وإعادة السرنجة مرة أخري بمساعدة المرضي والأهالي لتأتي العاملة بعد ساعتين لتضحك مع المريض مستفسرة عن كل هذه الدماء التي أغرقت الغطاء والملاءة بأسلوب مستفز ولم تتحرك لتغيرها أو حتي معرفة السبب الحقيقي إلا بعد إعطائها المعلوم من أقاربه‏!‏ ويشكو أهل أحد المرضي من أن المرافق للمريض داخل مستشفي التأمين الصحي يدفع‏25‏ جنيها في اليوم للجلوس بجواره علي نفس السرير أو علي كرسي ويتساءل هل المريض الذي يأتي بقدمين أو يحضره أهله إلي مستشفي التأمين الصحي لديه مقدرة مالية للانفاق يوميا‏50‏ جنيها؟ ‏ (‏في مستشفي شبرا‏)‏ ونفس الشيء في مستشفي شبرا العام التابع للتأمين الصحي تلقت تحقيقات الأهرام العديد من شكاوي المرضي وأسرهم من سوء المعاملة وعدم الكشف الطبي عليهم وسداد‏25‏ جنيها كمرافق علي الواقف يوميا مع المريض الذي يحتاج لخدمة وعناية من أسرته بجانب الوساطة والمحسوبية وعدم الخدمة من العاملات والعاملين بالمستشفي فالمريض نجده بدون ملابس ويتحرك في الطرقات ليصل إلي الحمام بمفرده وآخر يقوم بتفريغ‏'‏ القسطرة‏'‏ الخاصة بالبول بنفسه ويقوم الأطباء بصرف العلاج لتأتي به الممرضة وتتركه بجوار المريض وسط الحشرات الزاحفة والطائرة ليأخذة المريض بنفسه وحتي الطعام الذي يأتي لا يتأكد أحد من أن المريض تناوله أم لا فلا رعاية ولا اهتمام ولامسئول يحاسب أو يراقب ما يحدث في مستشفيات الفقراء الذين ضحوا بصحتهم وشبابهم في العمل الحكومي وعند كبر سنهم وإحالتهم للمعاش يكافأون بهذه المعاملة والرعاية القاسية للغاية‏.‏

 ‏ (‏أين دور الطبيب؟‏)‏ يقول الدكتورعبد المنعم البربري رئيس لجنة التحقيق وآداب المهنة بنقابة الأطباء إن دور الطبيب سواء كان في مستشفي حكومي أو خاص أو حتي التأمين الصحي يقتصر علي كتابة العلاج بعد الكشف والفحص وفقا للمواصفات والمراجع العالمية وليس الطبيب مسئولا عن الإهمال الذي يحدث بمستشفيات التأمين الصحي فالمسئولية تقع علي فريق التمريض والعاملين المسئولين عن النظافة وإعطاء المريض الأدوية في المواعيد المحددة والرعاية والخدمة‏.‏ وصرح الدكتور سعيد راتب رئيس هيئة التأمين الصحي بأن عدد الجهات المتعاقد معها التأمين وصل إلي‏52‏ مستشفي ومركزا طبيا و‏25‏ مركزا لغسيل الكلي وأنه جار التعاقد مع‏50‏ مستشفي أخري تقدمت للهيئة العامة للتأمين الصحي بشرط توافر برامج الجودة الشامل في كل الخدمات التي تقدمها للمؤمن عليهم‏.‏ فقد بلغ عدد المؤمن عليهم ـ حسب قوله ـ نحو‏40‏ مليون مواطن بنسبة تغطية‏56%‏ من المواطنين وأن هناك اقبالا متزايدا في كثير من جهات الدولة لاشتراك العاملين بها في انظمة التأمين الصحي لجودة خدماته‏.‏

واقعة إلي وزير الصحة تحقيقات الأهرام قامت بالاتصال بمكتب وزير الصحة بعد تلقي العديد من الشكاوي من مستشفي‏6‏ أكتوبر التابعة للتأمين الصحي وبعد التأكد من صحة هذه الشكاوي وعمل زيارة استكشافية ومن خلال لأهرام تم إدخال إحدي المريضات المستشفي والاتصال بمدير المستشفي وإخباره بعدم تلقي المريضة أي علاج وإصرار الأطباء علي خروجها وهي في حالة غيبوبة وقد وعد بزيارتها بنفسه ومعرفة حالتها ولم يف بوعده وإنما أرسل إليها بعض الممرضات اللاتي تشاجرن مع أسرتها لشكواهم وأعطين لها دواء وفاقت من الغيبوبة الطويلة فقرروا خروجها فور إفاقتها من الغيبوبة وتوفيت عقب خروجها من المستشفي و‏'‏الأهرام‏'‏تحتفظ باسم المتوفاة‏.‏ وقد تمكنت المحررة من زيارة قسم الباطنة والتجول بالمستشفي ودخول العناية المركزة وقسم غسيل الكلي دون أن يعترضها أحد أو حتي يسألها عن سبب دخولها في الغرف ولم تجد طبيبا واحدا بجوار أي حالة صعبة حتي في الرعاية لم تجد سوي القطط التي تتجول في الاقسام مع الحشرات‏.‏ الاهرام 22/9/2008