* نداء إلى ولاة الأمر وإلى قادة الفكر والرأي في المجتمع المحلي والعالمي وإلى المهتمين بحقوق الإنسان في العالم قاطبة إنها صرختنا نحن - نزلاء السجون في السعودية -، حيث أننا حين نسمع بعض المسئولين، ينفون تعرض المواطنين للظلم، فإننا لا ندري كيف نثبت أن الظلم واقع علينا وبشدة.

وإذا كان وزير العدل نفسه يعترف (بعدم تطبيق النظام في المحاكم تجاه المتهمين)، فإننا نتساءل إن كان هذا الاعتراف هو الرد المناسب على من يدعون عدم الظلم؟ كما نتساءل عن مدى مشروعية كل هذه الأحكام المتخذة بحق البعض منا، والوزير نفسه يقر بعدم مشروعية الإجراءات المتخذة بحق المتهمين عند المحاكمة، وإننا إذ نتساءل كثيرا عن إن كانت هذه الأحكام الكبيرة المتخذة بحقنا على قضايا صغيرة.

وعن هذا التفاوت الكبير في الأحكام، بين القضايا المتشابهة ليس ظلما فما هو الظلم؟ وإذا كان حشر هذه الأعداد الكبيرة من الناس في السجون، على أسباب لا يتم المعاقبة عليها إلا في هذه البلاد دون غيرها من سائر بلاد العالم ليس ظلما فما هو الظلم؟ وإذا كانت هذه الكميات الكبيرة من السياط على أجسادنا المريضة لأسباب تافهة ليس ظلما فما هو الظلم؟.، وإذا كان أغلبية السجناء مودعين في السجون بإجراءات غير مشروعه، وغير نظاميه، ومخالفه للنظام الذي وضعته الدولة بنفسها ليس ظلما فما هو الظلم؟. وإذا كان استهداف المستضعفين من الناس على تفاهة قضاياهم، وترك كبار المجرمين على فظاعة جرائمهم ليس ظلما فما هو الظلم؟

وإذا كان الاستئثار بالثروة، والسلطة واحتكار المصالح المشروعة وعدم الإبقاء إلا على غير المشروع منها للمستضعفين، ومن ثم الترصد لهم عليها وإيداعهم بموجبها في السجون ليس ظلمًا فما هو الظلم؟ وإذا كان إيداع المسحوقين في السجون وتركهم دون مصروف يقيهم ذل السؤال، ويحفظ لهم ماء وجوههم وإنسانيتهم وكرامتهم ليس ظلما فما هو الظلم؟. وإذا كان يتم العفو عن الغربيين وعن الشرقيين على فظاعة جرائمهم، ويتم إبقاء أبناء الوطن في السجون على تفاهة قضاياهم ليس ظلما فما هو الظلم؟ وإذا كان ابقاؤنا في السجون، وعدم العفو عنا رغم وجودنا في السجن منذ عهد الملك الراحل دون تسديد دينه، وإبراء ما في ذمته، رغم أننا من تركة عهده وما زلنا في ذمته، ليس ظلما فما هو الظلم؟. وإذا كان التعدي على إنسانية وكرامة البشر، بتفتيشهم والبحث حتى عما في جيوبهم مع أنهم ليسوا مطلوبين أمنيا، أو جنائيا، ومن ثم اقتيادهم إلى السجون ليس انتهاكا وظلما فما هو الظلم؟..

وإذا كان إرهاق كواهل الفقراء والمعدمين في السجون بالغرامات الباهظة، وبإبقائهم في السجون لعدم التسديد، رغم انتهاء محكومياتهم وحرمانهم حتى من ربع المحكومية، لعجزهم عن الوفاء بالغرامات ليس ظلما فما هو الظلم؟. وإن كان ليس في المحاكم من سلامة، فإما إدانة أو تهمة عقوبتها أشد من عقوبة الإدانة ليس ظلما فما هو الظلم؟. وإذا كانت المعاقبة على الجرم الواحد بعدة عقوبات، ومن عدة جهات ليس ظلما فما هو الظلم؟ وإذا كان إبقاؤنا في السجن، رغم تجديد الأنظمة، ورغم بطلان العمل بالأنظمة التي أودعنا بموجبها في السجون ليس ظلما فما هو الظلم؟ وإذا كان إيغار صدورنا بالحقد والكراهية للدولة والنظام، بسبب القسوة علينا، والتعامل السيئ معنا ليس ظلما لنا فما هو الظلم؟.. وإذا كان تجويعنا ونحن محبوسين، ومعاقبتنا في معيشتنا ليس ظلما لنا فما هو الظلم؟ وإذا كان التعامل مع المستضعفين، كمواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة ليس ظلما فما هو الظلم؟.

وإذا كان التوجه العدائي للأجهزة الأمنية والقضائية، تجاه المستضعفين والبسطاء من الناس، والمبالغة في اتخاذ العقوبات بحقهم، والتعامل معهم كغرباء في وطنهم ليس ظلما فما هو الظلم؟ وإذا كنت اللجان الوطنية لحقوق الإنسان لا تأبه بنا نحن المساجين ليس ظلما فما هو الظلم؟.. وإذا كان استهداف المستضعفين واستخدامهم وقودا للسجون لا يكادون يخرجون منها حتى يعادون إليها ليس ظلما فما هو الظلم؟. وإذا كان اتخاذ السجن كحل من الحلول التعسفية لحل مشاكل المستضعفين من الناس ليس ظلما فما هو الظلم؟. وإذا كنا نحاسب نحن فقط وتهدر أعمارنا في السجون على أشياء لم نصنعها ولم نجلبها من الخارج، بل وصلت لأيدينا ونحن داخل منازلنا، لم تستطع السلطة حمايتنا منها والعثور عليها، عندما دخلت إلى البلاد بالأطنان، لكنها عثرت عليها في جيوبنا عندما أصبحت بوزن المليجرام ليس ظلما فما هو الظلم..؟ . وإذا كانت الميول السياسية والتوجه الفكري للمتهم هي التي تحدد حجم الحكم المتخذ بحقه ليس ظلما فما هو الظلم؟. وإذا كان استخدام بعض التهم ذريعة للبطش بمن يعتقد أنهم من المناوئين للدولة أو النظام أو من المخالفين لهذا التيار أو ذاك ليس ظلما فما هو الظلم؟. وإذا كانت العقوبات التعزيرية القاسية بحقنا مع أننا معزرين بالأصل بالأمراض التي نعاني منها ليس ظلما فما هو الظلم؟.

 وإذا كانت السلطة تحث على إتباع منهج الوسطية والاعتدال وتفعل بنا ما يخالف ذلك ليس ظلما فما هو الظم؟. وإذا كان لا يتخذ بحقنا من نظام الإجراءات الجزائية إلا ما هو ضدنا دون تطبيق ما لنا وما علينا ليس ظلما فما هو الظلم؟ ... (أبناؤكم نزلاء السجون)