لما لم يكن الإنسان مخيراً أين ولمن يولد،فقد جئت الى هذه الدنيا فلسطينياً لإنني أنتمي لوالدين فلسطينيين،كفاحا الى أن لقيا وجه ربهما ودفنا في ثرى الوطن الطاهر،وكما حدث ولا زال يحدث حتى الساعة،فقد أضطررت للإقامة في بلد عربي،تزوجت ورزقت بأربعة أبناء وبنات في هذا الوطن العربي،كبروا جميعهم وتخرجوا من الجامعات ولكن لم تكن فرص العمل متاحة أمامهم فأضطروا للهجرة الى بلاد العم سام،لم نرهم منذ أكثر من عشر سنوات،حاولا الحصول على تأشيرة دخول لغرض زيارة الوالدين،تأشيرة دخول للبلد الذي ولدا فيه ولم يعرفا غيره إلا بعد تخرجهما من الجامعة والهجرة،ولم يتفضل ذلك البلد(العربي المسلم الثوري القومي التقدمي الأممي،المناصر الصلب لفلسطين وأهلها....الخ)بمنح تأشيرة دخول لولدينا،فإتفقنا على اللقاء في تونس(العربية المسلمة المنافحة عن الحق الفلسطيني المناصرة لنا على كل الأصعدة بما فيها قمعنا بأوامر أمريكية وإسرائيلية....الخ)حضرت للسفارة التونسية في هذا البلد وتقدمت بطلبات تأشيرات الدخول الى(فردوس بن علي)وأحضرت كمية كبيرة من الأوراق طلبوها مني لذلك الغرض،وبعد حوالي ثلاثة أسابيع من الإنتظار،ذهبت للسفارة للإسفسار وهنا كانت المفاجأة الأولى حيث طلبوا مني تعهداً مكتوباً عند محرر عقود(كاتب عدل)بأن لا أتجاوز المدة المقررة في التأشيرة التي سيمنحونها لنا،وكان طلباً غريباً لم أتوقعه ولم أسمع بمثله من قبل،فأحضرت هذا التعهد ودعوت الله أن يكون الطلب الأخير،وهنا جاءت المفاجأة الثانية،عليك أن تصدقها من خارجية البلد الذي أقيم فيه!!فقلت أن هذا التصديق يكون لازماً إن أردت إستعمال هذه الورقة خارج البلاد بينما أنا أقدمها لسفارة الرئيس الديموقراطي!! الزين في بلد إقامتي،ثم سألت الموظف المناط به(زحلقة الفلسطيني)لماذا لم تقل لي من أول،لكنت قد ذهبت وصدقتها قبل أن أعود لكم؟فسكت برهة ثم نطق جوهرة(هاذي طلبات تونس)أصبت بحالة إحباط شديد فقلت للموظف:شكراً،أنا في غنى عن هذه الرحلة،وجاءت المفجأة الثالثة في جواب الموظف إذ أجابني ب(بارك الله فيك،وإنفرجت أساريره)وكان واضحاً أن طلباتي للقاء أبنائي(العرب المسلمون الوطنيون المتعلمون)مرفوضة وكان الموظف خجلاً من رد دولته التي تحكمها(ديموقراطية الزين والمصدق عليها من أمريكا وإسرائيل)،وهنا زاد إحباطي فقلت للموظف(لو جئتك أعلق الصليب او نجمة داوود لقلت لي أدخل تونس الخضراء الغراء بدون تأشيرة)وهنا جاءت المفاجأة الرابعة في رد الموظف إذ قال:إنت ما تقدرش تدخل إسرائيل بدون تأشيرة !! أي والله فأجبته بأنني أشعر بالحزن والأسى والغم الكبير كونه يشبه نفسه ونظامه بالصهاينة وبدولتهم،عدت أدراجي خائباً ولن نلتقي بأولادنا إلا في بلد من بلاد(الكفرة الذين لا يتحدثون العربية)وإنا لله وإنا إليه راجعون ولكم طول البقاء بعد نفوق كرامة الأنظمة العربية!!