كثيرا ما نري قرارات عشوائية يتخذها المسئولين في المناصب المختلفة دون دراسة لهذه القرارات ومدي تأثيرها علي من تطبق عليهم ولكنها تكون قرارات هدفها تحقيق مجد شخصي علي حساب الآخرين ، وكثيرا ما نجد أن متخذ هذه القرارات يغلفها بمظهر لائق مثل إدعاء أنها واجب وطني وخدمة للوطن وهي في حقيقة الأمر لا تتعدي كونها تعدي علي حقوق الإنسان وزيادة بؤسا وفقرا وتدمير انتمائه وحبة لهذا البلد .

ما دعاني لكتابة هذا المقال هو رؤية الظلم الواقع علي احد الفئات الهامة جدا بمجتمعنا والتي يمكن إن ينتج عن فسادها وانعدام انتمائها فساد هذا البلد هذه الفئة هي فئة المعلمين المتعاقدين والتي أصبحت عبارة عن قنبلة موقوتة لا بل قنبلة انفجرت بالفعل ولن يظهر مفعولها إلا علي مدي السنين القادمة ، فكرة وجود معلم متعاقد هي فكرة لتدمير التعليم المصري وذلك لأن المعلم المتعاقد لم توفر له الدولة الحد الادني من الأمان لكي يؤدي عمله مطمئن القلب راضيا عن عمله ومتقناً لهذا العمل . هذه الفئة من المعلمين تتعرض للكثير من الضغوط مثل حرمانها من الحوافظ والكادر الخاص والفصل من العمل في 30/6 من كل عام مع نهاية العام الدراسي ليتم عودتهم مرة أخري مع بداية العام الجديد ، هذا بالإضافة إلي حرمانهم من التدريب الذي يحصل عليه المدرسين المعينين . أما اكبر المشكلات التي يتعرض لها مثل هؤلاء المعلمين ألا وهي القرارات العشوائية والتي سبق وان وصفتها بأن الهدف منها تحقيق مجد شخصي ولي مثال بذلك احد القرارات التي اتخذها وكيل وزارة التربية والتعليم بمحافظة البحيرة وصدق عليه السيد المحافظ بتنفيذه ألا وهو :

 *** التنبيه علي جميع المتعاقدين بمحو أمية ثلاثة علي الأقل ويعتبر ذلك شرطا من شروط تجديد التعاقد وإحضار ما يفيد ذلك من الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار

 **** كان هذا هو القرار الذي اتخذه السيد وكيل الوزارة ووافق عليه السيد المحافظ ، وبالنظر إلي هذا القرار للوهلة الأولي القارئ له يتخيل انه قرار حكيم ويحمل الكثير من الوطنية وحب البلد وحب تخليصها من الجهل والأمية ، ولكن لا يجب أن تخدعنا المظاهر كثيرا فالقرار في فحواه قرار ظالم وضد حقوق الإنسان ، وليس هدفه سوي تحقيق مجد شخصي للسيد وكيل الوزارة والسيد المحافظ ويتضح ذلك حينما نضع بعين الاعتبار الفئة المطلوب تنفيذ القرار عليها وهي الفئة التي سبق الحديث عنها وهي المدرسين المتعاقدين نجد الأتي :

 1- مطالبة المدرس المتعاقد بمحو أمية ثلاثة علي الأقل في فترة الإجازة الصيفية . 2- فترة الإجازة الصيفية هذا المعلم المتعاقد مفصول عن العمل وليس له دخل يعيش منه هو وأسرته ، لذا سيبحث عن عمل ليسد حاجات أسرته . 3- المعلم هو المطالب بالبحث عن الأميين وتعليم وليس المتعلم هو الذي يبحث عن المعلم . 4- محو أمية ثلاثة أفراد شرط لتجديد التعاقد ألا يكفي أن كل معلم سنويا مسئول عن 180 تلميذ أو أكثر . 5- البعض منهم متعاقد منذ 5 سنوات والبعض منذ 4 سنوات والآن يشترط عليهم أن يعلموا 3 أفراد أميين . 6- هذا عمل بدون أجر وهو ما يتعارض مع ابسط حقوق الإنسان الآجر مقابل العمل .

 أي إذلال هذا الذي يتعرض له المعلم انه تدمير لكل الانتماء وكل المعاني التي يحملها والتي بالتالي ينقلها إلي تلاميذه . أيها السادة علينا الاهتمام بهذه الفئة من المعلمين وتقديرهم ماديا ومعنويا وعدم السعي في تحطيم معنوياتهم هذا بالتأكيد سيؤثر سلباً علي عقول أبنائنا وبناتنا الذين نأمل فيهم المستقبل والأمل لتقدم بلدنا الحبيب مصر . عدد المدرسين المتعاقدين بمصر 80 ألف أو يزيدون وتمت تعاقداتهم بطرق مختلفة منهم من تعاقد عن طريق التنظيم والإدارة ومنهم تم تعاقده عن طريق الإدارات التعليمية ومنهم من حظي بأحد الفرص التي أتيحت لأعضاء مجلس الشعب . لذا أناشد كل مسئول بيده أمر هذه الفئة المدرسين أن يتحرك وينقذ ما يمكن إنقاذه ، هذه البلد لا تتحمل نكبات جديدة ، معنويات هؤلاء البشر أهم من أي مجد شخصي يمكن تحقيقه . البحيرة 9 مارس 2008م